الدراما وصناعة الوعي والتاريخ
المقدمة:
جذبني مشهد فديو من مسلسل تركي مترجم الى مشاهدة عدة حلقات من هذا المسلسل للوقوف على فكرته وغايته، يحمل المسلسل عنوان (المحارب) وهو طويل جداً ويقع في اجزاء عديدة لكن فكرته الاساسية هي محاربة الإرهااااب وكشف مصادر تمويله ودور الدول الكبرى في ايجاده سيما ام ري ك ا التي يجمعها حلف الناتو مع تركيا، وعلى عكس الدراما العراقية التي تحط من شأن العراقي وتبرزه مغفلاً وساذجاً وغبياً، ينهار سريعاً امام المال والنساء ولا يعتنق مبدأً خلقياً يردعه عن هذا الانهيار، تمجد الدراما التركية بالجيش التركي وعقيدته القتالية التي تقدس علم البلاد ووحدة اراضيها وسيادتها ووحدة الامة التركية التي ينضوي تحتها التركمان والتركستان وغيرهم من مكونات الامة التي تضع ثقتها الكاملة في هذا الجيش وتعقد عليه الآمال في مقارعة الارهااااااب وتقويض دعائمه الاساسية.
شخصية ماركوس:
بالرغم من ان المسلسل يظهر سهولة اختراق مقر قيادة القوات الخاصة التركية والوصول الى قائدها ومحاولة اغتياله على يد واحد من اخطر الارهااااابيين (ماركوس) لكن عملية الاغتيال فشلت بعدما قام حاجبه بعملية فدائية دراماتيكية وكذلك الوصول الى منزل هذا القائد (اللواء كوتالميش) وتسميم ابنته الوحيدة (عائشة) وغيرها من ثغرات امنية ربما هدفها ايصال رسالة للمشاهد ان هذه القوات الحامية للشعب لا تتمترس عنه لحواجز واجراءات امنية معقدة كما يظهر المرأة التركية انيقة وشديدة البأس ومحاربة شرسة لا تتردد اطلاقاً في قتل رؤوس الارهاااااب والانتقام لضحاياه الذين غالبهم من التركمان الشيعة والكرد والاقليات القومية الاخرى.
ماذا يكشف؟
يكشف المسلسل عن تمويل الجماعات الارهاااااابية من شركات امنية ام ري ك ية ومن الجيش الا مر ي كي ايضا وقادته فيما يجتمعون في قيادة العمليات المشتركة مع كبار الجنرالات الاتراك لوضع خطط محاربة الارهاااااب!.
على ماذا يسلط الضوء؟.
كما يكشف عن الارهااااااب بصفته موضوعا للاستثمار وجني الاموال الوفيرة من خلال تجنيد الاغبياء للقتال! ورغم انه عمل درامي لكنه هادف ويسلط الضوء على خبث ام ي ري كا وصلابة العسكر التركي الساعي لاعادة امجاد تركيا التي كانت عليها قبل 1922 كما يظهر ذلك في احد حلقاته التي يقوم فيها الجيش التركي بملاحقة الارهااااابيين في كركوك وتفكيك شبكتهم ثم يهتف المقاتلون (كركوك تركية، كركوك تركية) ويحتفلون بنصرهم المؤزر على الارهاااااب المدعوم ام ري كياً!.
المحمدي والمحمديون:
ترسخ تركيا نفسها كقوة اسلامية كبرى يحميها جيشها (المحمدي) ومحاربوها (المحمديون)وتمجد ابطالها من كمال اتاتورك الذي يعلو رسمه غرف القادة ويحتل باحة مقرات القيادة الى رؤوف دنكتاش وعزيز سالنجر الحائز على جائزة نوبل والذي اصبح مثلا اعلى للاطفال في مدارسهم وكل يطمح ان يحقق ما حققه!
الاذعان إلى القهر:
على عكس ذلك تنتج الدراما العراقية ثقافة الانحطاط والدونية والغباء والاذعان لسلطة القهر وتبرز المرأة العراقية اما راقصة او عاهرة او غانية تستثمر جسدها لتحقيق احلامها. ترى اي دمار هذا الذي يقاد اليه العراق والمجتمع العراقي؟!.
خطر الفضائيات:
شخصياً هجرت مشاهدة الفضائيات والغيت وجود جهاز التلفزيون منذ سنوات عدة بعدما لمست خطر الفضائيات العراقية والدراما العراقية على الاسرة والمجتمع فضلاً عن بؤس الناشطين فنيا على يوتيوب والذين لايتورعون عن الكلام الفاحش والبذيء وعن كل محتوى وضيع ومنحط للاسف ادى بالنتيجة النهائية الى غربة المجتمع عن قيمه وآدابه العامة ونشط في ظل ذلك دعاة الفرقة والتشظي ودعاة الكراهية والاحتراب الذين يسيرون بالمجتمع قدماً نحو عصر ماقبل الجاهلية وليس الجاهلية التي ستعد جنة الاخلاق اذا ماقيست اخلاق اهلها الى اخلاق دعاة الجاهلية المعيشة في عصرنا الراهن. كتبها الشيخ صادق الحسناوي.

إرسال تعليق