القراءةُ في زمنِ اللا قراءة
المقدمة:
في يومٍ ما كان الكتابُ أفضل هديةٍ تُقدم في نجاحٍ أو عيد ميلاد أو أي مناسبةٍ أخرى، لأن الجميع كان يُدرك أهمية القراءة وفضلها، بلْ ولا يوجد عاقلٌ يُنكر ضرورتها، حينها كان الناس يتفاخرون في إستعارة كتاب وقراءة مضمونه، لأنه الوحيد الذي كان بنظرهم مصدر المعارف والحكمة، وما فيه بناء صرح الثقافة والحضارة، أما المسموعات والمرئيات فما كان لها مِن قيمة عنها يُخبر أو فضل يُذكر إلا ما ندر .
اكتسبوا العلم:
وقد كان لروايات أهل البيت عليهم السلام تأصيل لهذه الثقافة، فمما قاله مولانا عليٌ عليه السلام (اكتسبوا العلم يُكسبكم الحياة) وأهم روافد هذا العلم هو صُحبة كتاب، الذي يمنحنا تجوالاً في متنزهات الثقافة وواحات المعرفة، لتشرح صدراً وتُغذي عقلاً وتُهذبَ سلوكاُ، في الوقت الذي هو حوارٌ بصمت مع عقولٍ جالت وصالت في العلم وخبُرت منه الكثير، والجميل في الأمر أنك لا تشتمهم ولا يشتموك.
التغذية المعنوية والمضادات الحيوية:
ولا تُنكر عليهم إلا بقلبك ولا يُنكروك، فكانت القراءة عمليةَ إرتباط بمصادر التغذية المعنوية وتناولاً للمضادات الحيوية، التي ترفع الجهل وتقضي على نزعات التطرف والإنغلاق، مضافاً إلى الانعتاق مِن سطوة الأفكار والعادات، وهيهات للسينما والمسرح وجميع صنوف الفن أنْ تُعالج كل قضايا الإنسان وحاجاته الحياتية، مِهما بلغت مِن التأثير والتغيير في ديمُغرافية الثقافة الإنسانية والاجتماعية .
البحث عن الكمال والمعرفة:
وكون الإنسان يقرأ يعني أنه مُحبٌ لنفسه ومُهتمٌ بذاته ويبحث عنْ كماله في زمنٍ عز أمثاله، إلا في المادة فكثيرٌ مُنافسه، ومَنْ يمُرُ عليه اليوم واليومان أو أكثر ولمْ يُطالع فيه كتاباً أو يستقٍ معلومةً، ولمْ يشعر بفقد شيءٍ أو قد أثرتْ عليه نفسياً ..فهذه أمارات موته المعنوي! ولو تأملنا في قول إمامنا الصادق عليه السّلام (لَستُ اُحِبُّ أن أرى الشّابَّ مِنكُم إلّا غادياً في حالَينِ: إمّا عالِماً أو مُتَعَلِّماً، فإن لَم يَفعَلْ فَرَّطَ، فإن فَرَّطَ ضَيَّعَ، وإنْ ضَيَّعَ أثِمَ) لوجدنا أنفسنا فعلاً في ضياع.
إرسال تعليق