دليل الاعتراف...
دليل الاعتراف:
ونقصد به اعتراف عددٍ من المفكرين المسلمين من غير الامامية بوجود الامام المهدي "عليه السلام" وغيبته، الامر الذي يكون مثبتاً لطول عمره لدى المذاهب الاسلامية غير الامامية، إذ تنقسم اراء اهل السنة والجماعة في الامام المهدي الى ثلاثه اقسام:
القسم الاول:
الاعتقاد بان هنالك مهدياً سيظهر في المستقبل، فيملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
وهذا من الواضحات عندهم، وتتحدث عنه الكثير من مصادرهم ولم نجد من ينفيه منهم اصلاً. وقد صرحوا بتواتر الروايات الدالة على وجوده، وان تواترها قاطع للعذر بالانكار، وسبب لوجوب الاذعان والاقرار. وقالوا انه من العقائد السنية الاساسية.
اما تواتر الروايات فصحيح، بل هي مما تزيد على تواتر، واما انه من العقائد الاساسية السنية، فهو صحيح ايضاً الا انه لا ينافي كونه من العقائد الاساسية عند الامامية ايضاً، بحيث يكون من العقائد الاساسية في اصول الدين الاسلامي، بل مما اعترف به غير المسلمين ايضاً.
وهذه العقيدة وان كانت اجماعية بين المسلمين، الا انها لا تنفعنا هنا في اثبات طول العمر للامام المهدي، كما يعتقد به الاماميون، لان المذهب التقليدي بين غيرهم، وهو أن المهدي رجل يولد في حينه عندما يرى الله عزوجل المصلحة في زوال الظلم وتبديله الى العدل.
وهذا المعنى غير ملازم _ كما هو معلوم _ مع الاعتراف بطول العمر، وان كان الاماميون يعتقدون ان من بشرت به الاخبار المتواترة هو المهدي الذي يذهبون اليه، وهو امامهم الثاني عشر عليه السلام، ومن ثم فكل من يرى صحة التواتر، عليه ان يعتقد بالصحة هذه العقيدة الامامية.
وهذا المعنى الصحيح من زاوية امامية، الا انه لا يتضمن اي استدلال يمكن ان يعترف بها المسلم غير الامامي، لانه سيقول ان من بشرت به هذه الاخبار المتواترة ليس هو ذاك بل هو هذا.
القسم الثاني:
الاعتقاد بولادة الامام الثاني عشر من الائمة الاثني عشر للامامية، عني محمد بن الحسن بن علي عليهم السلام.
وهذا ايضاً متوفر في كتبهم وتواريخهم بشكل واضح ومتواتر، ومن أهم المصادر التي ذكرت ابن خلكان وابن الوردي وابن الفداء واخرون.
ولم نجد هنا قولاً معروفاً بانه لم يولد، او ان الامام الحسن العسكري عليه السلام ليس له ولد، الا ما كان من الاتجاه (الرسمي) للدولة العباسية عام وفاة الامام العسكري عليه السلام، اذا اتجهت الى انكار واعطاء ارث الامام لاخيه جعفر، وعلى اي حال فهو اتجاه رسمي وسياسي لا يمت الى الاعتقاد الديني بصله.
هذا القسم ان ما ينفع في الاستدلال على طول عمر الامام المهدي عليه السلام، بان هذا الامام الذي اعترف التاريخ بولادته لم يمت، ولم يُنقل من اي مصدر قديم او وسيط ذلك.
القسم الثالث:
الاعتقاد بان الامام محمد بن الحسن بن علي هو المهدي "عليه السلام"، الذي يملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وانه ولد وسيبقى الى زمان ظهوره، حين يشاء الله عزوجل زوال الظلم وتبديله بالعدل.
وهذا هو اعتقاد الامامية، ووافقهم عليه جماعة من اهل السنة والجماعة، لوضوح انه لا يعني التحول إلى المذهب الامامي، لان هذا المذهب يعتقد بامامية الائمة الاثني عشر، مع اعتقادهم بان الثاني عشر هو المهدي، فمن الممكن لغيرهم أن يعتقد بهذا المهدي دون الاعتقاد بالأئمة الإثني عشر، فيكون معتقداً بما يشبه العقيدة الامامية من هذه الناحية دون غيرها.
وهذا القسم هو الامر الرئيسي في هذا الفصل، الذي يتم به الاستدلال على طول عمر الامام المهدي عليه السلام لانه متضمن للاعتقاد بطول عمره، هي كما سنسمع من كلمات القائلين بهذا الاتجاه من اهل السنة والجماعة.
وانما سمينا هذا الاعتقاد بالاعتراف، وسمينا الدليل بدليل الاعتراف، لانه اعتقاد مخالف للاتجاه التقليدي لدى اهل السنة والجماعة، فيكون من قبل علمائهم ومفكريهم كالاعتراف ضد الاتجاه التقليدي، وقديماً قيل اعتراف العقلاء على انفسهم جائز. المصدر: هل الامام المهدي عليه السلام طويل العمر، ص377 ومابعدها.
إرسال تعليق