القطيعة بين المثقف والفقيه...
المقدمة:
صدر حديثاً: الطبعة الرابعة "القطيعة بين المثقف والفقيه" ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الكتابات التي تتحدث عن المثقف وارتباطاته. والغالب على هذه الكتابات هو أنها سلّطت الضوء على الأفكار الآيديولوجية التي حملها هذا الكائن، خصوصاً فيما يتعلق بمواقفه السياسية وإطروحاته التبشيرية.
العقل المثقف:
لكن ما يعنينا في هذا البحث هو ليس تلك الأفكار، إنما تسليط الضوء على قضية جديدة لم يتم طرقها بعد، ألا وهي الجانب المنهجي والبنيوي للمعرفة لدى العقل المثقف، بغض النظر عن الإعتبارات الآيديولوجية والمذهبية. وسيتركز بحثنا حول المثقف الديني دون غيره من أصحاب التوجهات الأخرى. كما سنقوم بتحديد العلاقة التي تربطه بنظرائه ومنافسيه معرفياً. فغرضنا هو إجراء المقارنة وإبراز جوانب القطيعة المعرفية بينه وبين الفقيه. لذلك جرت معالجة هذه الدراسة ضمن محورين مختلفين كالتالي:
الأول:
ويتحدد بلحاظ الخلاف الحاصل بين التوجهات المعرفية للمثقف والفقيه كما هو قائم ومجسد في الواقع؛ عبر التركيز على نماذج بارزة لفئة المثقفين ومقارنتها بمسالك الفقهاء معرفياً.
والثاني:
يتعلق بالمقارنة بينهما ككائنين صوريين مجردين عن الواقع الموضوعي، أي بإعتبارهما عقلين منتجين للمعرفة، فأردنا التعرف على هويتيهما البنيويتين كماهيتين صوريتين محددتين تبعاً للوظيفة المعرفية التي يقومان بانجازها.
التشخيصية والبنيوية:
على هذا فقد صنّفنا الكتاب إلى قسمين رئيسيين ضمن إطار ما سميناه (المثقف والقطيعة مع الفقيه)، فأطلقنا على الأول (القطيعة التشخيصية)، وعلى الثاني (القطيعة البنيوية). حيث تناولنا في الأول تحديد هوية المثقف وأصنافه المتعددة ومنها المثقف الديني، ثم قمنا بمقارنة مسالك الصنف الأخير مع مسالك الفقيه التقليدية.
في القسم الثاني:
كما تناولنا في القسم الثاني طبيعة المرتكزات المعرفية التي يتأسس عليها العقل الفقهي والعقل الثقافي، إذ كما سنعلم أنهما يختلفان في المصدر والآلية والأصول المولدة للمعرفة. ثم كشفنا بعد ذلك عن جملة من الخصائص المعرفية القائمة على المرتكزات لكل منهما.
عمق تباينها:
وبالتالي أظهرنا عمق تباينهما وخلافهما، وهو معنى القطيعة العقلية أو المعرفية بينهما. وقد عزونا علة هذه القطيعة إلى الإختلاف التكويني لمصدرهما المعرفي، فهو لدى الفقيه عبارة عن النص، لكنه لدى المثقف يتمثل في الواقع. أي أن الأول قد تمسك بكتاب الله التدويني، في حين تمسك الآخر بكتابه التكويني. وفي نهاية البحث اقترحنا بعض الإصلاحات التي من شأنها القضاء على موارد الضعف المعرفي والمنهجي عندهما.
الخاتمة:
كما مهّدنا لهذا البحث مدخلاً تناولنا فيه الأدلة التي تثبت وجود تكافؤ معرفي للأحكام المنضبطة بين المختص وغير المختص، لتبرير عمل المثقف المعرفي قبال الفقيه ومنافسته له في الحجج المعرفية. كتبها يحيى محمد.
إرسال تعليق