بعض خصائص التخطيط البشري العام...
المقدمة:
يتصف التخطيط العام بعدة خصائص نذكر الان المهم منها، فان التخطيط العام يستوعب كل وقائع التاريخ البشري بشكل مباشر. فافعال الانسان واقواله، سواءٌ أكانت اضطرارية او اختيارية، وسواءٌ أكانت ذات هدفٍ ولا غية، وسواء أكانت الى جانب الايمان ام الى جانب الكفر، فانها _ على كل حال _ مندرجةٌ في التخطيط، ومشاركة في انجاز الهدف الاعلى منه.
ومن هنا قلنا هنالك:
ان الانسان حين يعمل اي عمل، فانه كما يخدم غرضه الشخصي، فانه يخدم الغرض الالهي لا محالة، من حيث اراد او ابى، ولا يوجد في التاريخ البشري ما لا يمت إلى الهدف بصلة، بل ان ما يكون لاغياً بزعم الفاعل من التصرفات لا يكون لاغياً بالنسبة إلى التخطيط.
اقسام التخطيط:
وينقسم التخطيط العام الى عدة اقسام تستوعب التاريخ البشري كله، بعضها متداخل وبعضها متخارج، يتبع بعضه بعضاً، بان تكون نهاية كل منها بداية الاخر. فما لا يكون فيه تداخل وتكرار، مع كونه مستوعباً للتاريخ كله، ستة تخطيطات.
التخطيط الاول:
يبدأ من نقطة الصفر، عند وجود اول البشرية في عصر السذاجة والقصور الذهني، ويستهدف ايجاد صفة التفكير والقدرة عليه في الذهن البشري.
وافضل طريقة ندركها لنيل هذا الهدف، هو إيكال الفرد والمجتمع إلى تجاربة الخاصة، لكي يرتقي حتى يصل الى مرحلة التفكير، بوجود هذه الصفة في اول اوقاتها، حين وجدت اللغة والمنازعات، يكون هذا التخطيط قد انتهى.
التخطيط الثاني:
يبدأ من اول عصر التفكير، مستهدفاً جعل البشرية في المستوى اللائق الذي تستطيع ان تستوعب معه فهم الاطروحة العادلة الكاملة.
والاسلوب العام لذلك والتثقيف التدريجي البطيء للاجيال البشرية الصاعدة، لكي تصل في. الثقافة التشريعية والمفهومية الى المستوى المطلوب.
فقد قام بهذا التثقيف عباقرة البشر كلهم، وعلى راسهم الانبياء والمرسلون.
حتى ما إذا وصلت البشرية إلى هذا المستوى واستحقاق فهم العدل الكامل المتمثل بالإسلام يكون هذا التخطيط قد انتهى.
التخطيط الثالث:
يبدأ من حين اعلان الاطروحة العادلة الكاملة، مستهدفاً تطبيقها على مجموع البشرية، او ايجاد الدول العالمية العادلة، وهو التخطيط الذي نعيشه الان.
وكيفية ذلك هو ايجاد عددٍ كافٍ من اقوياء الارادة والايمان بدرجة عالية وعلى مستوى التضحية بالنفس والنفيس في سبيل العدل والحق، بعدد يكفي لانجاز التطبيق العام الموعود.
وخلاصة عصر هذا التخطيط ينبغي أن يوجد القائد الموعود لإنجاز هذه الدولة، لكي يبقى في الحياة ردحاً من الزمن قبل قيامه بتلك المهمة.
التخطيط الرابع:
يبدأ بوجود العدد الكافي من المخلصين لغزو العالم بالعدل، مع وجود قائدهم ايضاً، وذلك بتكامل عددهم واجتماعهم في جيل واحد.
ويستهدف هذا التخطيط، وجود المجتمع المعصوم الذي هو الهدف الاعلى لوجود البشرية وللتخطيط العام الساري المفعول فيها. وإن التكامل في هذا التخطيط يرجع إلى الأسباب الاختيارية التي ترجع إلى التربية المركزة والعادلة الاب تمارسها الدولة العالمية، مستهدفة ايجاد صفة العصمة في المجتمع العالمي في إلى الطويل. وبمجرد أن تحصل صفة العصمة في المجتمع ينتهي التخطيط الرابع.
التخطيط الخامس:
يبدأ من حين اتصاف المجتمع بالعصمة، وهدفه المحافظة على المجتمع المعصوم عن انسلاخ هذه الصفة عنه، ومحاولة التصاعد به الى درجاتٍ اكثر من الكمال، من التكامل الذي سميناه بـ(تكامل ما بعد العصمة).
وتنقسم الصفة الاجتماعية للعصمة الى قسمين:
القسم الاول:
ان يكون الراي العام معصوماً، اي ضروري الصدق، ولا يمكن فيه الخطأ، ولكن الافراد يتصفون بالعصمة.
القسم الثاني:
إن يتصف الافراد انفسهم بالعصمة، وهذا هو الهدف البشري اللسمى، اعني ان تحقق هذه الصفة في المجتمع هو اول اشكال هذا الهدف، وهذا معناه ان ما بعده مستهدف ايضاً في الخطط التكامل المستمر.
وحين يصل المجتمع إلى هذه الصفة، يستمر في التصاعد التدريجي فيتصف بتكامل مابعد العصمة.
التخطيط السادس:
التخطيط لإنهاء البشرية، وتوجد له أطروحتان:
الأطروحة الاولى:
أن نلتزم بما ورد في بعض الروايات الواردة في مصادر كلا الفريقين من أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق.
الأطروحة الثانية:
أن ننكر مضمون تلك الروايات، كما رجحناه هناك، ومعه يبقى منطوق طبائع الاشياء نافذ المفعول في استمرار التكامل، حتى تصل البشرية إلى مرحلة من الكمال، قلنا عنها انها تستطيع أن تتصرف تصرفات كونية على نطاق مهم، وعندئذ يتحقق التطبيق الكوني لوجود البشرية، فإنها إنما وجدت لأجل أن تكون مشاركة في هذا التخطيط مباشرة.
وقد كانت الواسطة ، هي التخطيط البشري العام مكرسة لأجل إنجاز هذا الهدف، وحين تستطيع البشرية المشاركة في الفعل الكوني، يكون هذا الهدف قد نجز تماماً.
ومعه يكون استمرار وجود البشرية على الارض بلا موجب، فيحصل الانفصال النسبي بين البشر وبين الأرض، ويكون وجود النوع البشري على الأرض قد انتهى.
التسلسل الفكري:
ومع هذا التسلسل الفكري، فقد نستغني عن افتراض التخطيط السادس، إذ يكون هدف التخطيط الخامس نفسه، هو إيصال البشرية إلى هذا المستوى ومع تحققه لا يبقى لاستمرار البشرية، إنما يتعين افتراض التخطيط السادس مع صحة الأطروحة الاولى كما هو واضح. المصدر: هل الامام المهدي طويل العمر، ص260 وما بعدها.
إرسال تعليق